بحث هذه المدونة

المتابعون

الأحد، 5 سبتمبر 2010

ابن القيم وحكاية الأم

ما أجمل تلك الحكاية التي ساقها ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين حيث قال:


وهذا موضع الحكاية المشهورة عن بعض العارفين ، أنه رأى في بعض السكك باباً قد فتح ، وخرج منه صبي يستغيث ويبكي ، وأمه خلفه تطرده حتى خرج ، فأغلقت الباب في وجهه ، ودخلت البيت الذي أخرج منه ، فذهب الصبي غير بعيد ثم وقف متفكراً ، فلم يجد له مأوى غير والدته ، فرجع مكسور القلب حزينا ، فوجد الباب مرتجا فتوسده ووضع خده على عتبة الباب ونام.
خرجت أمه ، فلما رأته على تلك الحال ، لم تملك إلا أن رمت نفسها عليه ، والتزمته تقبله وتبكي وتقول: يا ولدي ، أين تذهب عني؟ ومن يؤويك سواي ؟ ألم اقل لك لا تخالفني ، ولا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة بك والشفقة عليك ، وإرادتي الخير لك؟ ثم أخذته ودخلت.


فتأمل قول الأم : لا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة والشفقة ؛ وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم : " الله أرحم بعباده من الوالدة بولدها " ؛ وأين تقع رحمة الوالدة من رحمة الله التي وسعت كل شيء؟
فإذا أغضبه العبد بمعصيته ، فقد استدعى منه صرف تلك الرحمة عنه ، فإذا تاب إليه ، فقد أستدعى منه ما هو أهل هو أولى به ، فهذه تطلعك على سر فرح الله بتوبة عبده ، أعظم من فرح الواجد لراحلته في الأرض المهلكة بعد اليأس منها


يحكى أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: أحدنا يذنب ، قال: يكتب عليه ، قال: ثم يستغفر منه ويتوب ، قال: يغفر له ويتاب عليه ، قال : فيعود فيذنب ، قال : يكتب عليه ، قال: ثم يستغفر ويتوب منه ، قال: يغفر له ويتاب عليه ، قال: فيعود فيذنب ، قال: يكتب عليه ولا يمل الله حتى تملوا.
وقيل للحسن: ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود ، ثم يستغفر ثم يعود ؟ فقال : ودّ الشيطان لو ضفر منكم بهذه ، فلا تملوا من الاستغفار ، إن الهلاك كل الهلاك في الإصرار على الذنوب


0 comments:

إرسال تعليق

اخبار محلية

اخبار العالم

اخر المواضيع

المتواجدون الان